بقلم : عبد الرحمن طايع
من المسلمات أن هيئة قضايا الدولة قد اكتسبت الصفة القضائية والاستقلالية التامة عن السلطة التنفيذية منذ انشائها عام 1875 بغرض الدفاع عن الحقوق والأموال العامة بالدولةوهذا الذى أكد عليه دستور 2014 بالمادة (196)(قضاياالدولةهيئةقضائيةمستقلة،تنوبعنالدولةفيمايرفعمنهاأوعليهامندعاوي،وفياقتراحتسويتهاوديًافيأيمرحلةمنمراحلالتقاضي،والإشرافالفنيعلىإداراتالشئونالقانونيةبالجهازالإداريللدولةبالنسبةللدعاويالتيتباشرها،وتقومبصياغةمشروعاتالعقودالتيتحالإليهامنالجهاتالإداريةوتكونالدولةطرفًافيها،وذلككلهوفقًالماينظمهالقانون. ويحددالقانوناختصاصاتهاالأخرى،ويكونلأعضائهاكافةالضماناتوالحقوقوالواجباتالمقررةلأعضاءالسلطةالقضائية،وينظمالقانونمساءلتهمتأديبيًا.)
ونكتب هذه الكلمات لأصحاب الغيرة على المال العاملتفعيل هذا النص الدستورى لكون أن الهيئات والمؤسسات العامة والبنوك والشركات العامة ذات الشخصية الاعتبارية العامة مثل هيئات قناة السويس والأوقاف والبريد والتأمينات الاجتماعية والمعاشات والمجتمعات العمرانية الجديدة وغيرها لاتدخلفى اختصاصات هيئة قضايا الدولة على الرغم أن الحقوق والأموال العامة بتلك الهيئات العامة تزيد عن 90 % وتقدر بالتريليونات بل المحامين بتلك الهيئات العامة تابعين للسلطة التنفيذية وبسبب هذه التبعية تم سلب ونهب مليارات الجنيهات والاعتداء على ملايين الأفدنة المملوكة للدولة .
ولعل الفقهاء الدستوريين لايختلفون على أن هذه الهيئات والمؤسسات العامة والبنوك العامة من مقومات الدولة وسلطتها العامة تمتد إليها وكذلك الدعاوى القضائيةوالعقود التى تبرمها والقرارات التى تصدرها يختص بها القضاء الإدارى بمجلس الدولة وكذلك الواجبات الملقاة على عاتق محامى هيئة قضايا ومحامى الهيئات العامة واحدة أمام المحاكم وقد يقفون معاً للدفاع بدعوى قضائية واحدة تخص الهيئة العامة بالدولة أمام دائرة قضائية واحدة بمعنى أن المراكز القانونية واحدة وقد أكدت بذلك النصوص الدستورية كالمادة( 198) من دستور 2014 (المحاماة مهنة حرة تشارك السلطة القضائية فى تحقيق العدالة وسيادة القانون وكفالة حق الدفاع ويمارسهاالمحامى مستقلاً وكذلك محامو الهيئات …. الخ ) وكذلك النصوص القانونية كالمادة الثانية من قانون المحاماة) يعد محاميا كل من يقيد بجداول المحامين التي ينظمها هذا القانون وفيماعدا المحامين بهيئة قضايا الدولة يحظر استخدام لقب المحامي على غير هؤلاء.)إضافة إلى أن نص المادة رقم 6 من القانون رقم 10 لسنة 1986م بشأن هيئة قضايا الدولة ( تنوب هذه الهيئة عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة فيما يرفع منها وعليها من قضايا لدى كافة المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها.. إلخ) ومادام هيئة قضايا الدولة الموقرة تنوب عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة وفقاً لهذا النص فإننا نقول إن الهيئات العامة بالدولة من الشخصيات الاعتبارية العامة .
ومن المبادئ الدستورية التي قررتها المحكمة الدستورية العليا بشأن استقلالية المحاماة والمحامين ما وردبالحكم الصادر رقم 86 لسنة 18ق دستورية بتاريخ 6/12/ 1997 ( وكان استقلالالمحامين في أداء أعمالهم واحتكامهم إلى ضمائرهم وسلطان القانون دون غيرهماينفى بالضرورة تبعيتهم لجهة عمل تتولى توجيههم وفرض رقابتها عليهم. (
وسأقدم للمختصين وأولي الألباب وأصحاب القلوب السليمة بعض المبررات التي ساقها الرافضون لاستقلال المحامين بالهيئات العامة وتمتعهم بالحقوق والضمانات التي يتمتع بها زملاؤهم محامو هيئة قضايا الدولة وأعضاء النيابة الادارية علي الرغم من أن الواجبات عليهم جميعا واحدة وقد يشتركون معا في قضايا واحدة للدفاع عن الحقوق والأموال العامة. لقد ادعي الرافضون أن المراكز القانونية لأعضاء هيئة قضايا الدولة ومحامي الهيئات العامة “مختلفة ” لعدة أسباب أولها أن هيئة قضايا الدولة هيئة قضائية.. ونرد عليهم بأن هذا المبرر لا يصلح أن يكون سببا ً بل هو أثر من الآثار الناتجة عن التشريع والتمييزالصارخ وكان الواجب علي الجهابذة أن يبحثوا في عما إذا كانت الاختصاصات واحدة من عدمه لكون هؤلاء وهؤلاء يترافعون أمام المحاكم عن الشخصيات الاعتبارية العامة وقد يقفون معا ً بدعوي واحدة متفقين علي الدفاع عن شخصية اعتبارية عامة أمام دائرة قضائية واحدة وكان من باب أولي أن تطالب هيئة قضايا الدولة بامتداد اختصاصها لكافة الشخصيات الاعتبارية العامة ويخضع الجميع لقانونها تنفيذاً لنص المادة السادسة من قانونها والتي بسببها اكتسبت الهيئة الصفة القضائية وهذه الصفة والاستقلال للمهام وليست للأشخاص. ويدعون أيضا أنه لايجوز المساواة بين أعضاء هيئة قضايا الدولة وبين محامي الهيئات العامة لكون هؤلاء يؤدون أعمالهم بنيابة قانونية وهؤلاء بوكالة قانونية. ونرد علي حضراتهم أنه لا يوجد فرق مطلقا ً بين النيابة القانونية والوكالة القانونية بين هؤلاء وهؤلاء لكون الحقوق والأموال العامة واحدة ويخضعون جميعاً لتدرج رئاسي وقانوني يشرف علي أدائهم للأعمال القانونية الموكلة إليهم ولايستطيع مخلوق منهم أن يقوم بعمل قانوني إلا بتكليف من رؤسائهم المباشرين. ومن مبرراتهم الواهية أيضا أن هيئة قضايا الدولة تتمتع لدي مباشرتها اختصاصاتها بالحيدة والاستقلال عن الجهات التي تمثلها حيث لا مصلحة تعود عليها مباشرة في حالة كسب الدعوي ولذا فهي لاتراعي في أعمالها إلا تطبيق أحكام القانون.. بالله عليكم هل يصلح هذا المبرر سبباً لعدم المساواة بين محامي هيئة قضايا الدولة ومحامي الهيئات العامة ؟!.. ونقول للجهابذة الرافضين أن هذا المبرر ماهو إلا إقرار ضمني بأن محامي الهيئات العامة تابعين للسلطة التنفيذية ولايتمتعون بالحيدة والاستقلال بمخالفة جسيمة لأحكام الدستور والقانون فيما يتعلق بحق الدفاع والمحاماة ولماذا تحرمون عليهم الحيدة والاستقلال ؟!. ومن المبررات الواهية أيضا والتي تثير الدهشة ذكرهم أن محامي الهيئات العامة من العاملين المدنيين بالدولة ومن الأجهزة المعاونة للمنشأة التي يعملون بها ومن بين اختصاصاتهم مباشرة الدعاوي والمنازعات الخاصة بتلك الجهات أمام المحاكم وقد ارتأي المشرع إفرادهم بتنظيم خاص يتضمن بعض الضمانات التي تكفل لهم الاستقلال والحيدة في أداء مهامهم. ونرد علي خرافاتهم بأن المحامي لا يستقيم أن يكون من الأجهزة المعاونة بالهيئات والشركات العامة لكونه محامياً يتمتع باستقلال تام وفقا لنصوص الدستور والقانون.. ثم نأتي لعبارة أن المشرع قد منحهم بعض الضمانات وبعضا من الاستقلال وبعضا من الحيدة بالقانون.. ألا تتفقون معي أن هذا الرد وكأنه من مستعمر أو محتل لايبحث إلا عن مصالحه الخاصة دون النظر للحفاظ علي الحقوق والأموال العامة والدفاع عنها، فلماذا بعض الاستقلال وبعض الحيدة ولايكون الاستقلال مثل محامي قضايا الدولة والمثير للدهشة أن هيئة قضايا الدولة نفسها أقرت بوحدة الاختصاصات والمراكز القانونية لمحاميها ومحامى الهيئات و المؤسسات العامة بمذكرتها التي قدمتها بالدعوى رقم 1882 لسنة 6ق بمجلس الدولة فذكرت أن(المحامون العاملون بالهيئات والمؤسسات العامة وإن كانوا يمارسون ذات اختصاص و إجراءات أعضاء هيئة قضايا الدولة إلا أنهم لم يكتسبوا اختصاصات وسلطات الهيئة القضائية)
ياسادة إن الشعب المصرى العظيم قام بثورتى يناير ويونيو بسبب الفساد وبالطبع الفساد التشريعى السبب الرئيسى للفساد.
لذلك
نطالب مجلس النواب أن يصدر قانون موحد لمحامى الدولة بشخصياتها الاعتبارية العامة ويقضى على تبعية محامى الهيئات والبنوك والشركات ذات الشخصية الاعتبارية العامة للسلطة التنفيذية لأنه لايستقيم أن يكون لمحامى الدولة وهيئاتها العامة قانونين مختلفين فى عصر الرئيس المصلح / عبدالفتاح السيسى .
عبدالرحمن طايع المحامى بالنقض
ت / 01003504502
ومشروع القانون المقترح:
قانون هيئة قضايا الدولة
بسم الشعب – رئيس الجمهورية قرر مجلس النواب القانون الآتي نصه وقد أصدرناه
مادة (1): تسري أحكام القانون رقم 75 لسنة 1963م المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1986م بشأن هيئة قضايا الدولة على الأعضاء الفنيين بالإدارات القانونية الخاضعين لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973م بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات والهيئات العامة والوحدات التابعة لها ذات الشخصية الاعتبارية العامة مع مايترتب على ذلك من أثار .
مادة (2) : ينشأ بهيئة قضايا الدولة فرع بها للشخصيات الاعتبارية العامة التى يشملها نص المادة الأولى السابقة ويختص بكافة القضايا والأعمال القانونية الأخرى المتعلقة بها مع عدم الإخلال باختصاصات مجلس الدولة والنيابة الإدارية .
مادة (3): يظل الأعضاء الذين يشملهم هذا القانون بفرع الهيئات العامة بالهيئة حتى بلوغهم سن المعاش .
مادة (4): تحدد الأقدمية للمعاملين بأحكام هذا القانون بالهيئة اعتباراً من تاريخ قيدهم بالجداول العامة بنقابة المحامين وفقاً للقانون مع عدم الاخلال بأقدميتهم التى كانوا عليها بالجهات المنقولين منها .
مادة (5): تسوي أوضاع الأعضاء المعاملين بأحكام هذا القانون بنقابة المحامين وفقاً للقانون.
مادة (6): تنقل الاعتمادات المالية المدرجة للمعاملين بأحكام هذا القانون إلي موازنة هيئة قضايا الدولة.
مادة (7): يلغي كل قانون يخالف أحكام هذا القانون بالنسبة للمعاملين بأحكامه.
مادة (8): ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره يبصم هذا القانون بخاتم الدولة وينفذ كقانون من قوانينها.
والله ولى التوفيق